يا صاحب الظل الطويل

أظن أن جميعنا يعرف جودي آبوت بطلة قصة صاحب الظل الطويل كشخصية كرتونية عرضت مرارا على شاشة التلفزيون لكن هل جربتم أن تقرأوا القصة ؟؟
أعتقد أن هذه القصة من أكثر القصة الممتعة التي قرأتها و تتسم بخفة الروح و المرح الذي ليس له حدود ، و أستطيع وصفها بأنها رواية " خفيفة على القلب " ( و المعدة معا  )
هذه القصة من تأليف الكاتبة الأمريكية جاين ويبستر Jean Webster



تدور أحداث هذه القصة حول بطلتها جاروشا آبوت Jerusha Abbott أكبر المقيمين في دار الأيتام ، والبالغة الثامنة عشرة ، حين يقرر ثري مجهول من ممولي الميتم أن يرسلها إلى الكلية لتكمل تعليمها العالي لتصبح كاتبة شهيرة ، بعد أن تطير الريح صدفة أوراق مذكرات شقية كانت جاروشا قد كتبتها عن الدار الذي تقيم فيه John Grier Home و مديرته القاسية بشرط واحد : وهو أن ترسل له جاروشا رسالة كل شهر تخبره فيها بتفاصيل حياتها في كلية البنات و تخبره عن تطورها في الدراسة و في النهاية عليها أن تصبح الكاتبة التي أرادها هي أن تصبحها ، بشرط أيضا أن لا تطلب منه في المقابل أن يرد عليها برسالة .



تبدأ القصة إذن على شكل رسائل من طرف واحد ترسلها جاروشا إلى الرجل المجهول الذي اراد أن يحتفظ باسمه وهويته سريتين و طلب من مديرة السكن أن تطلق عليه اسم رمزي وهو Mr.John Smith ، تسخر جاورشا من هذا الاسم لأنه اسم عام جدا و مجهول الهوية لكنها تخضع لقوانين اللعبة العامة و لكن تحورها على هواها . فتقرر أن تسميه بصاحب الظل الطويل Daddy-long-legs وهو اسم لعنكوبوت ذو أرجل طويلة وذلك لان انعكاس ظل السيد جون سميث على الحائط جعله يظهر و كأن له أرجل فارعة الطول .




تقرر جاروشا حين تذهب للكلية أن تغير اسمها إلى جودي ، فتصبح Judy Abbott ، فهي تكره اسمها جاروشا الذي تم استقاءه من اسم على شاهد قبر بينما آبوت هو اسم عائلة تم التقاته من دليل الهاتف .
تدور الرسائل المرحة و المتفائلة بين آبوت و صاحب الظل الطويل الذي يبقى مجهول الهوية طيلة سني دراستها بالكلية ولا يرد عليها أبدا برسالة إلى نادرا عن طريق سكرتيره رغم إلحاحها الشديد ، تدور الرسائل بمغامرات جودي فتاة الملجأ التي لم تعرف شيئا غيره و حياتها الجديدة حيث تتعرف على الأسواق والكتب و القصص و الكثير من المعلمومات العامة التي لم تعرفها من قبل في الملجأ ، بل و تنسج لنفسها عالم وهمي توهم به من حولها أن السيد الذي تراسله هو عمها ووصيها الشرعي و تحاول إيهامهم أن لها أسرة مثلهم لأنها لا تريد لهم ان يعرفوا أنها قادمة من ملجأ . تأتي اللحظة الحاسمة عندما يتقدم السيد جيرفي بخطبتها في نهاية القصة – وهو قريب لمرافقتها الثرية و المتكبرة في السكن و تكون قد تعرفت عليه في بداية حياتها في سكن الكلية ، وهو من أسرة كبيرة جدا و ثرية جدا ، و نستنتج في آخر الرواية انها تهيم بحبه لكنها لم تأتي لذكر هذا قد قبلا في رسائلها بل تخفي مشاعرها الحقيقية في الظلام ، ولكنها لا تتوانى عن تعبيرها عن مدى السعادة البالغة التي تجدها في قضاء جل وقتها معه في أوقات إجازات الأعياد و الإجازة الصيفية - بعد اتمامها سني الدراسة بالكلية و بعد ان تكون قد باعت أول رواية لها ( وتدور أحداثها عن حياة الملجأ و الأيتام فيه ) وحققت لها ربح كبير ، فتحتار جودي إذا ما كان الأنسب أن تخبره أنها فتاة من الملجأ أم تفر بنفسها و أحلامها و تلوذ بالفرار محطمة القلب .
تنتهي الرواية نهاية شاعرية بجودي آبوت وقد كشفت الهوية الحقيقة لصاحب الظل الطويل و أنه هو نفسه السيد جيرفي وقد أراحها هذا من عناء الإعتراف المريع ، إذ تكتب جودي رسالة الحب الأولى في حياتها و تختم بذلك القصة .